بحبك يا بلدى

بحبك يا بلدى

السبت، 21 مايو 2011

لم يأت بجديد





 لم يأت بجديد..!!
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhy7J1dILQnpspG6FzYsyUjY_0IgR6N4GPjwHYkVn10UvoanTKP-H7NnqwH509WgQZFpLg1pC3sp9_faU7YxtoAFdsUGJTjYztj6YT-00e6PyMZpOzQa1lSJuyqPKBOcUdh9F3ilsSZgk4K/s1600/obama11.jpg
 
في لقاء تليفزيوني حول المصالحة بين فتح وحماس وجهود الفصيلين لبناء الدولة الفلسطينية تمهيداً للذهاب إلي الأمم المتحدة في سبتمبر القادم للحصول علي الاعتراف الدولي فاجأني المذيع بالسؤال التالي: ألا تخشي من أنا تلتف الإدارة الأمريكية علي هذه المصالحة وتطرح مبادرة شكلية لإفسادها وإعادة الطرفين إلي الانقسام؟!
قلت: الرهان الآن وفي كل وقت يجب أن يكون علي وعي الإخوة الفلسطينيين بما يدور حولهم وما يحاك ضدهم.. واستيعاب الدروس من التاريخ القريب والبعيد.. فقد قدمت أمريكا مبادرات عديدة لإجراء مفاوضات سلام دون أن تكون جادة في حل الصراع العربي الاسرائيلي.. وكان هدفها الأول والأخير أنه يجلس المفاوض الفلسطيني إلي المائدة مع المفاوض الاسرائيلي المراوغ إلي مالا نهاية.. حتي صارت المفاوضات هدفا في حد ذاتها ولم تحقق خطوة واحدة ذات قيمة فيما يتعلق باسترداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. ومن هنا يأتي الخلاف داخل الأسرة الفلسطينية ويقع الشقاق.. هذا مع المفاوضات وهذا ضدها.
في اليوم التالي مباشرة لهذا اللقاء التليفزيوني ملأت الإدارة الأمريكية الدنيا بالحديث عن خطاب سيوجهه الرئيس باراك أوباما إلي الشعوب العربية لمساندة الثورات وتبني أجندة الاصلاح.. وسيطرح فيه رؤية واستراتيجية جديدة لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي وتحسين صورة أمريكا لدي شعوب الشرق الأوسط.
كان السؤال المنطقي: هل أوباما جاد هذه المرة؟.. وكانت الإجابة: ولم لا.. فالرجل استطاع أن يجمع في يده "كروتا" للضغط في مواجهة اللوبي الصهيوني أهمها ما يعتبره انتصاراً شخصياً له بمقتل بن لادن ومساندته للثورات العربية واسقاط الأنظمة الديكتاتورية والحديث الواسع عن قرب الانسحاب من العراق وأفغانستان .. ولا شك أن هذه الكروت تدعم موقفه داخليا حين يتخذ قراره بإعادة الترشح لفترة رئاسية ثانية العام القادم.
أذيع خطاب أوباما ظهر الخميس  أول أمس  واستغرق ثلاثة ارباع الساعة.. بدأه بمغازلة الثورات العربية والتأكيد علي المصالح المشتركة بين الشعوب العربية "الديمقراطية" وأمريكا.. ثم تكرم علينا باقرار مليار دولار مساعدات واسقاط مليار آخر من ديوننا للولايات المتحدة التي تقدر ب 3.6 مليار دولار مع وعد بانشاء صندوق للاستثمار المشترك.. ووعد آخر بأن يوصي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الدول الثماني ومنظمة أوبك بأن يغدقوا علينا من مساعداتهم ومنحهم وقروضهم واستثماراتهم.
ولا شك أن هذا تصرف جيدا تجاه مصر.. وتجاه  كما قال  كل دولة أخري تثبت انتقالها إلي الاصلاح السياسي.. لكن المشكلة أن هذا العرض لا يكفي عربونا للصداقة الحقيقية بين المصريين والولايات المتحدة.. وذلك لسببين مهمين:
الأول أننا تعودنا علي أن المساعدات الأمريكية تتبخر قبل أن تصل إلي الخزانة المصرية.. بل وتعود بقدرة قادر إلي الخزانة الأمريكية محملة بفوائد ومكافآت وحوافز لمستشارين أمريكيين يعملون عندنا لصالح بلادهم.
والثاني أن الاستراتيجية الجديدة التي قيل ان أوباما سوف يطرحها وتطلعت إليه أنظار المصريين بكل جدية هذه المرة عسي أن يبدي فيها قدراً من العدل والانصاف تجاه قضية العرب والمسلمين الأولي وهي القضية الفلسطينية.. علي اعتبار أن زمن الخداع والالتفاف والتلاعب بالألفاظ والمبادرات قد ولي.. وأن أوباما وإدارته يدركان أن الشعوب التي ثارت من أجل حريتها وامتلكت إرادتها لا يمكن أن تسمح لأحد باستغفالها من جديد.
لكن للأسف جاءت مبادرة أوباما مخيبة للآمال.. ولم تحمل استراتيجيته الجديدة أي جديد.. وإنما تدور في نفس الفلك.. وتهدف إلي استهلاك الوقت والجهد.. والعودة ثانية إلي زرع الفتنة بين فتح وحماس.. وقد حملت هذه الاستراتيجية من التهديد والوعيد للشعب الفلسطيني أكثر مما حملت له  من حتي تعاطف انساني مع محنته ناهيك عن طرح حل عملي حقيقي.
قال أوباما في آخر خطابه: يجب أن تكون للفلسطينيين دولة علي حدود 1967 من خلال المفاوضات وانسحاب اسرائيلي تدريجي.. بشرط أن تكون دولة منزوعة السلاح.. ولن تتحقق اقامة دولة فلسطينية من خلال التحركات لعزل اسرائيل في الأمم المتحدة.. مؤكداً علي التزام أمريكي لا يهتز بأمن اسرائيل.. ومعتبرا ان اتفاق حماس وفتح يثير أسئلة كثيرة.. علي القادة الفلسطينيين تقديم أجوبة عنها.
لم يتحدث أوباما  كالعادة  عن القدس والمسجد الأقصي ولا عن حق العودة.. بل لم يتحدث عن المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عام ..1948 وهو ما يؤكد أنه مازال أسيرا للرؤية الاسرائيلية والاستراتيجية الاسرائيلية.
ولأن الأدوار دائما مرسومة وموزعة بدقة فقد أعلن نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل علي الفور رفضه للانسحاب إلي حدود 1967 مشيراً إلي أن هذه حدود لا يمكن الدفاع عنها.. كما أعلن تمسكه بالكتل الاستيطانية.. بل وزاد علي ذلك بإعلان اقامة 1500 وحدة سكنية جديدة في القدس.. ثم سافر علي الفور إلي واشنطن لترتيب الأوراق ومراجعة المواقف مع شريكه أوباما.
والآن يجب أن نسأل أنفسنا: هل جاء أوباما في خطابه بموقف جديد مشجع؟!.. الإجابة: لا.. فالموقف الأمريكي المعلن منذ زمن بعيد هو عدم الاعتراف بالمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ..1967 وعدم الاعتراف باحتلال أراضي الغير وضمها بالقوة.. وهذه كلها مواقف مكتوبة علي الورق ومثبتة تاريخيا.. ودائما تستدعيها الادارات الأمريكية عندما تريد مغازلة الأطراف.. أما عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ فالكلام يختلف.. والشيطان دائما يكمن في التفاصيل.. والتفاصيل تعني المفاوضات.. وفي المفاوضات يظهر وجه امريكي صهيوني مختلف.. نعرفه جيداً.. وخبرناه جيدا.. وننتظره دائما في آخر الطريق.
ماذا ستفعل فتح وحماس أمام مبادرة أوباما؟!
أرجو أن يستوعبا دروس الماضي ولا يعودا إلي الانقسام.. حتي لا ينتصر أوباما ونتنياهو وننهزم نحن مرة أخري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق